الخلافات الروسية الإيرانية في سوريا تمكن تنظيم الدولة من التموضع في البادية السورية.
لم يكن هجوم تنظيم الدولة الإسلامية الأحد الماضي على قوات تابعة للنظام السوري وميلشيات إيرانية في ريف حمص الشرقي أو ما تعرف ببادية حمص -التي تكون جزءا من البادية السورية وسط البلاد- الأول من نوعه في تلك المنطقة.
آلية لتنظيم الدولة |
قطع الطرق
ومع الهجمات المتوالية التي يتبناها تنظيم الدولة في تلك المنطقة أصبح الطريق الواصل من دير الزور إلى دمشق أو تدمر أشبه بـ"ثقب أسود" يبتلع القوات التي تتحرك عليه، سواء كانت تابعة للنظام السوري أو روسيا أو إيران.
وفي بعض العمليات البارزة التي نفذها التنظيم تمكن من قتل ضابطين روسيين برفقة مترجمين وضباط سوريين أثناء تحركهم من مدينة الميادين باتجاه محطة الكم بريف حمص، مما دعا روسيا لاستنفار كل قواتها العسكرية في سوريا من أجل البحث عنهم.
عناصر لتنظيم الدولة شرق سورية |
وبحسب مصادر محلية، نفذ تنظيم الدولة خلال الشهرين الماضيين أكثر من عشر عمليات استهدفت الأرتال العسكرية التابعة للنظام وروسيا والميلشيات، وهو ما يشير إلى تنامي قوة التنظيم مجددا، مستندا إلى قدرته على المناورة والتحرك في البادية السورية.
وتأتي تلك الهجمات مع تصاعد التوتر بين القوات الروسية والمليشيات الإيرانية في سوريا، خاصة في منطقة دير الزور، وتطورت إلى اشتباكات مسلحة، مما يرجح استغلال تنظيم الدولة تلك الحالة، لكن هناك من يسأل عما إذا كانت أذرع المخابرات التابعة للطرفين تستخدم تنظيم الدولة لضرب الطرف الآخر، أم أن هناك جهات أخرى تعمل على خلق فوضى في مناطق سيطرة روسيا والنظام السوري؟
خلافات متزايدة
يقول المحلل السوري محمود حمزة "إن العلاقات الروسية الإيرانية تكتيكية من أجل الحفاظ على نظام الأسد، لكن الخلاف بينهما بدا يطفو على السطح بعد أن توقف القتال ضد المعارضة وبدأ التغلغل الإيراني في مفاصل نظام الأسد، ومن خلال كسب الولاءات في النظام والتأثير الكبير للإيرانيين في سوريا من خلال التغلغل الديني والاقتصادي".
ويوضح أن تأجير ميناء اللاذقية لإيران من قبل النظام، ومسارعة روسيا حينها لاستئجار مرفأ طرطوس "يمثلان إحدى بؤر الصراع القريب بين الطرفين".
ويرجح حمزة أن تكون المرحلة المقبلة "مرحلة صراع متزايد ومتصاعد بين روسيا وإيران في سوريا بسبب فقدان الثقة المتبادلة بينهما، والخوف من المستقبل إذا تمكن من أن يفرض على روسيا التضحية بعلاقتها مع إيران أو العكس".
اغتنام الفرص للتنظيم
من جهته، يؤكد فراس علاوي -وهو صحفي سوري من دير الزور- أن تنظيم الدولة هو المستفيد من تلك الخلافات "ويتحين الفرصة للانقضاض على القوات الروسية والإيرانية في البادية، بعد أن تمكن من استجماع قواه ووصول مجموعات تابعة لها كانت قد فرت من آخر معاقله الجغرافية بمنطقة الباغوز شرق دير الزور".
ويقول "لا يمكن القول إن تنظيم الدولة يتلقى معلومات مباشرة عن تحركات تلك القوات، لكن بات واضحا أن كل من القوات الروسية والقوات الإيرانية تتخذ موقف المتفرج في حال تعرض أحد الطرفين لكمين دون أن تقدم له أي إسناد، وهذا ما يثير الاستفهام حول علاقة الحليفين المتصدعة".
وأشار علاوي إلى أن الهجمات المتصاعدة لتنظيم الدولة في المنطقة حفزت كل من المليشيات الإيرانية وقوات النظام للدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة قرب بادية السويداء وبادية حمص لشن عملية واسعة للقضاء على الجيوب المتبقية للتنظيم، لكن تلك التعزيزات تعرضت بدورها لهجمات من التنظيم أثناء محاولتها التمركز في منطقة السخنة بريف تدمر، وقرب الميادين ومحكان بريف دير الزور.
المصدر : الجزيرة